
دعاء المطر وصلاة الاستسقاء – أدعية مستجابة وقت نزول الغيث
يعتبر دعاء المطر من الأدعية المستجابة بإذن الله، فقد جعل الله نزول الغيث وقت رحمة واستجابة، كما قال النبي ﷺ: «اثنتانِ ما تُرَدّانِ: الدعاءُ عند النِّداءِ، وتحتَ المطرِ» (رواه أبو داود). وفي هذا المقال سنتعرف على أجمل أدعية المطر وصلاة الاستسقاء، وكيف يمكن للمؤمن أن يستغل هذا الوقت في التقرب إلى الله وطلب رحمته وغفرانه.
أولاً: فضل الدعاء عند نزول المطر
المطر نعمة من الله، ووقت نزوله من أعظم الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء، لما فيها من تجدد الحياة ونزول البركة. قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ (الشورى: 28). فكل قطرة مطر تحمل بشائر خير، وفرصة للمؤمن لرفع يديه والدعاء بكل ما يتمنى.
ثانياً: أدعية المطر المستجابة
من أجمل ما ورد في دعاء نزول المطر ما جاء عن النبي ﷺ:
- «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» – أي مطرًا فيه الخير والبركة.
- «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهِيمَتَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ».
- «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، سَحًّا غَدَقًا، مُجَلِّلًا عَامًّا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ».
ويُستحب للمسلم أن يغتنم هذا الوقت في الدعاء بالرزق، والمغفرة، وصلاح الأبناء، وسعة الصدر، وكل ما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة.
ثالثاً: ما يُقال بعد نزول المطر
بعد نزول المطر، كان النبي ﷺ يقول: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ» (رواه البخاري). وهي تذكير بأن المطر ليس صدفة، بل هو من فضل الله الواسع على عباده.
رابعاً: دعاء الاستسقاء عند انقطاع المطر
عندما يحبس الله المطر عن الناس، يُشرع لهم صلاة تُسمّى صلاة الاستسقاء، وهي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ. وقد صلاها رسول الله ﷺ ورفع يديه يدعو قائلاً: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ». فهذه الصلاة تذكّر الناس بالرجوع إلى الله، والتوبة، والاستغفار، لأن الذنوب سبب في حبس القطر.
كيفية صلاة الاستسقاء
تُصلى ركعتان جماعة، يجهر فيهما الإمام بالقراءة، ويُكثر من الاستغفار والدعاء، ويخطب بعد الصلاة خطبة يدعو فيها الناس إلى التوبة والرجوع إلى الله. وقد قال ﷺ: «ولولا البهائم لم يُمطَروا» أي أن رحمة الله تشمل حتى الحيوانات التي لا ذنب لها.
خامساً: أدعية وقت سماع الرعد
عند سماع الرعد، يُسن أن يقول المسلم كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: «سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ». وهذا تذكير بعظمة الله وقدرته، وأن المطر والرعد والبرق جميعها آيات من آياته.
سادساً: أهمية شكر الله على نعمة المطر
من نعم الله العظيمة على عباده إنزال المطر بعد القحط، فهو حياة للأرض والإنسان والحيوان، وبدونه لا تستقيم المعيشة. قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ (الفرقان: 48)، فالمطر ليس مجرد ماء، بل رحمة تُنقذ الأرض من الهلاك وتحيي القلوب بعد جفافها.
لذلك من السنة أن يشكر المسلم ربه عند نزول المطر، فيقول: «الحمد لله على رحمته وفضله، اللهم اجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب». فالشكر يزيد النعم، كما قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
سابعاً: أخطاء يقع فيها البعض وقت المطر
رغم أن المطر نعمة، إلا أن البعض قد يتساهل في التعامل معه، فينسى الدعاء أو يتلفظ بكلمات اعتراض على قضاء الله. ومن الأخطاء المنتشرة:
- نسيان الدعاء عند نزول المطر.
- نسبة المطر إلى النوء أو الطقس بدل نسبته إلى الله.
- عدم شكر الله بعد نزول الغيث.
وكل هذه الأخطاء تُضعف إيمان العبد بقدرة الله. فالواجب أن يُجدّد يقينه بأن الله وحده هو المنزل للغيث والرازق بالخير.
ثامناً: كيف نستقبل المطر في بيوتنا
يُستحب للمؤمن أن يستقبل المطر بفرح وسرور، وأن يخرج جزءًا من جسده ليصيبه المطر كما كان يفعل النبي ﷺ، حيث ورد في الحديث الشريف: «أنه كان إذا نزل المطر كشف عن جسده حتى يصيبه منه» (رواه مسلم). وذلك لأن المطر حديث عهد بربه، فهو طاهر ومبارك.
كما يُفضل تعليم الأطفال دعاء المطر حتى ينشأوا على حب العبادة والتعلق بالله تعالى، فيرددون: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا نَافِعًا» عند نزول الغيث، ليعتادوا على ربط كل نعمة بفضل الله.
تاسعاً: الاستغفار مفتاح نزول المطر
قال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴾ (نوح: 10-11). فالاستغفار من أسباب نزول المطر والبركة، لذلك كان النبي ﷺ يُكثر من الاستغفار وقت القحط. فلتكن ألسنتنا عامرة بالاستغفار والدعاء عند كل غيمة، راجين رحمة الله.
عاشراً: دعاء جامع وقت المطر
ومن أجمل ما يمكن قوله وقت المطر هذا الدعاء الجامع: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، سَحًّا غَدَقًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، وبارك لنا فيه، واجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب». دعاء يجمع بين الرجاء والخشية، وبين طلب النفع ودرء الضرر.
خاتمة
إن دعاء المطر وصلاة الاستسقاء تفتحان أبواب الأمل والرحمة، وتذكّران المسلم بضعفه أمام قدرة الله تعالى. فلنحرص على الدعاء وقت نزول الغيث، ونتوب إلى الله عند القحط، ونسأله أن يجعل مطرنا بركة ورحمة لا عذابًا ولا هدمًا. اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، وَلَا تَجْعَلْهُ عَذَابًا وَلَا هَدْمًا، بَلْ رَحْمَةً وَغَيْثًا مُغِيثًا.